بعد كثرة المراجعات من قبل عملاء البنك اللبناني التجاري للجنة المحامين في “رابطة المودعين”، وجهت “الرابطة” كتاباً بمثابة إنذار إلى البنك اللبناني للتجارة، جاء فيه:
حضرة إدارة البنك اللبناني للتجارة:
مؤسف أنه و بعد سنتين على بداية الأزمة المصرفية في لبنان، و التي كنتم سبباً مباشراً في إستفحالها نظراً لسوء إدارتكم، أن تحاولوا جاهدين التنصل من مسؤولياتكم تجاه المودعين بشتى الطرق، و أن تعمدوا للحصول على براءة ذمة منهم تجاهكم و تحميلهم وزر وخسائر أكثر من تلك التي لحقت بهم بسببكم، مستفيدين من غياب لأية مراقبة فعلية و متجاوزين كل القوانين و الأنطمة المصرفية المتعامل بها، متمسكين بعقلية الفساد التي فعلت ما فعلت في النظام اللبناني و مبدأ تقاذف المسؤوليات و ذلك تحت ذريعة حماية القطاع المصرفي الذي وإن كان بحاجة للحماية فهي الحماية من جشعكم و تطاولكم على عصب هذا النظام أي المودعين.
أتحفنا مصرفكم بما أسماه “ملحق للعقد وأحكام الشروط العامة” بحيث تلزمون أصحاب الحسابات بالتوقيع عليه على أنه ملحق متمم للعقود الأساسية الموقعة فيما بينكم، إلا أنه في الحقيقة صك براءة ذمة واضح لكم يعفيكم من أية مسؤولية تجاه أصحاب الحقوق و يخلصكم من أية مطالبات أو ملاحقات أمام القضاء مستقبلاً و لا يتجاوز كونه ملحق برتبة عقد إذعان غير قانوني لعدة إعتبارات نبين لكم أبرزها:
أولاً: يغيّر مصرفكم فحوى العقود الأصلية المتعلقة بالحسابات المجمدة إن لناحية فرضكم عدم إمكانية فك تجميد هذه الحسابات وطلبها أو تحويلها وتنازل صاحب الحساب عن ذلك صراحة وفي حال تمت مثل هكذا مطالبة فإنها تحتاج لموافقتكم الخطية و بالتالي يصبح العميل رهن إستنسابيتكم و أهوائكم دونما مراعاة لحق التصرف بالملكية الفردية المصانة في الدستور و القانون.
وما يزيد الطين بلة في مجال الحسابات المجمدة هو البند الذي يسمح لكم بتسليم هذه الأموال لصاحب الحساب بموجب شيك مشطوب مسحوب على مصرف لبنان متذرعين بأن هذا الشيك هو وسيلة إيفاء مبرئة إبراءاً كليا لذمة المصرف تجاه العميل متناسين قصداً ما تنص عليه المواد 444 و 425 قانون تجاري لناحية مفهوم الشيك و إعتباره أداة إيفاء عند تمكن المستفيد من تحصيل قيمته، فإن فقدان الشيك لماهيته كوسيلة إيفاء نظراً لتعثر المصارف (التي تمتنع هي بدورها عن قبول سيكات المودعين) و مصرف لبنان عن تغطية قيمة هذه الشيكات تجعلها غير ذي قيمة خاصة و أن قانون الموجبات و العقود واضح لناحية تسديد الودائع كما هي. كما و أنه لأمر عجيب أن تقييد حرية العميل في إختيار العملية المصرفية التي يريد و إلزامه بقبول شيك بينما هو يرغب بإستعادة ماله عيناً و هو الموجب الأصلي في هذا التعامل، كما و أن عرض سحبكم لشيك على مصرف لبنان يحولكم من مسحوب عليه، و بعكس التعامل المصرفي الطبيعي، إلى ساحب وأكثر من ذلك فإن سحب الشيك من قبلكم على مصرف لبنان من شأنه أن يوقع العميل في مأزق أكبر من ذلك الذي تسببتم له فيه بحجز وديعته بحيث أنه ليس ثمة نص في قانون النقد و التسليف يسمح لحامل هذا الشيك إلى المصرف المسحوب عليه أي المصرف المركزي، لوضع الشيك المذكور في حساب مصرفي لقيد قيمته فيه و سحبها و بالتالي يفقد شروط كون الشيك وسيلة إيفاء و يلزم العميل بغير إرادته على إيداع الشيك لدى مصرف آخر هذا إذا تمكن من فتح حساب جديد(وإن حصل فيكون بشروط تعجيزية) و بالتالي ينتقل من تعسف مصرفكم لتعسف مصرف مماثل دونما أن يتمكن من قبض قيمة الشيك بسبب القيود المفروضة. و بالتالي إن هذه الممارسات تصب في خانة الإعتداء على الحقوق و تقييد الحرية و إكراه بالتعامل مع مؤسسات مصرفية هو بغنى عنها و خرق لحرية التعاقد ونسف لقانون الموجبات والعقود فيما يتعلق بالوديعة ولقانون النقد والتسليف.
ثانياً: يلزم مصرفكم و بخلاف عقود فتح الحسابات بالعملة الأجنبية العملاء على فتح حسابات جديدة ليسدد الفوائد المستحقة للحسابات هذه بالعملة الوطنية متذرعاً بتعاميم مصرف لبنان لناحية سعر الصرف و غيره، و إن من شأن ذلك ضرب أساس الرضى في التعاقد و إلزام العميل الذي كان قد فتح حسابا بناءاً لشروط معينة على القبول بغيرها جبراً و خلافا للقانون و الأنظمة المصرفية و كل ذلك إبراءاً لذمة مصرفكم ملحقين ضرراً إضافيا على عدم تمكن العميل من التصرف بحساباته و فقدانه لقيمتها عند كل عملية سحب بغير عملة الحساب، علماً أنكم تأخذون في المقابل إجراءات تصب في مصلحتكم كفرض عمولة بالعملة الأجنبية على كشوفات حسابات إلزامية مرتين خلال العام لا يطلبها أصحاب حسابات الفريش دولار و تسعير الورقة الواحدة ب 6 دولارات لقضم هذه الدولارات بأي شكل كان و تحت أي ذريعة.
ثالثاً: يفسر مصرفكم المادة 704 من قانون الموجبات و العقود بشكل فريد، هو نفسه القانون الذي تمعنون في مخالفته، فيبرر من خلالها إمتناعه عن القيام بعمليات مصرفية هي من أساس التعامل و العرف المصرفي و سبق للعملاء من خلال عقود فتح الحساب و بحسب الأنظمة المصرفية أن إعتادوا القيام بها، بحيث ينصّب مصرفكم نفسه حاكم بأمر ودائع الناس و يمنعهم من طلب التحاويل للخارج و سحب شيكات للخارج و التعاطي المصرفي برمته مع الخارج، و ذلك لا يصب سوى في خانة تهربكم من سداد الوديعة بعملتها و التمسك بالعمليات المصرفية محليا و بالعملة الوطنية و تكبيد المودعين خسائر في قيمة هذه الودائع دونما وجه حق و بوقاحة المعتدي الذي لا يأبه بما إقترف.
رابعاً: يجيز مصرفكم لنفسه باسم العميل، الحق في قبول أو رفض إيداع أي حوالة مصرفية أو شيك مسحوب لصالحه مهما كان نوعه في أي من حساباته المفتوحة لدى المصرف، حتى ولو كانت بالعملات الأجنبية، تاركين لنفسكم الحق بعدم بيان سبب ما يبرر هذا الرفض. ولعل هذه النقطة هي أبهى وجه لسطوة مصرفكم على الحسابات و الودائع و التحكم بمصيرها و طريقة إستعمالها و كأنكم كونتوار لا يفقه التعاملات و الأنظمة و القوانين المصرفية بل جلّ ما يهمه أن يجني أرباحاً على حساب من هم سبب في وجوده كمؤسسة مصرفية قائمة ضاربا عرض الحائط الدستور و القانون و كل ما قد يدينه.
خامساً: يحتفظ مصرفكم لنفسه، بحق إقفال وتوقيف حسابات العميل في أي وقت وبشكل فوري، وسداد المبالغ المقيّدة فيها مضافاً إليها الفوائد المستحقة عليها لحين الإقفال أو الوقف، لمجرد حصول أي مطالبة قانونية أو إشكال من شأنه المساس بسمعة المصرف أو إلحاق الضرر به من قبل العميل. على أن يبلغ المصرف العميل بكتاب الإقفال بأية وسيلة قانونية من وسائل الإبلاغ التي يراها مناسبة. ولعل هذا البند من ملحق العقود التي ترغمون المودعين على توقيعها هي إقرار منكم بعجزكم عن القيام بالعمليات المصرفية التي وجد المصرف للقيام بها أساساً و بالتالي تشكل إقراراً بعدم قدرتكم على تلبية طلبات المودعين العادية في أي تعامل مصرفي و تقرون بوجود مشكلة، مما يطرح علامات إستفهام عن مدى صحة وجودكم و عما إذا كنتم في مرحلة التوقف عن الدفع و التي تسعون لإخفائها عبر اضطهاد المودعين و إبتزازهم بودائعهم و تهديدهم بإقفال حساباتهم في حال اللجوء للقضاء لمطالبتكم بأبسط واجباتكم!
هذا غيض من فيض سعيكم للحصول على صكوك تبرأ ذمتكم من كل المخالفات والتعديات التي مارستموها ولا تزالون، وتكابرون محاولين الإلتفاف على القوانين و تفسيرها بما ينطبق مع مصلحتكم منتهجين للأسف منطق ” ضربني وبكى سبقني وإشتكى” مستغلين غياب الرقابة وتواطؤ المصرف المركزي والسلطة الحاكمة وتخاذل بعض القضاة.
إننا في رابطة المودعين قد دأبنا على نصرة المودعين المستضعفين والذين تركوا بلا لا حول ولا قوة، يخيرون بين شرّين في التعامل معكم ويخدعون من قبلكم على الدوام، إلا أنهم كاشفين لمحاولاتكم البائسة في التهرب من المسؤوليات، فإننا إذ ندعوكم إلى التوقف الفوري عن إلزام المودعين على توقيع مثل هكذا مستندات مفخخة تجردهم من أي حق والتوقف عن الممارسات كافة المخالفة للقانون والأنظمة المصرفية وإلا فإننا سنكون بالمرصاد داخل فروع مصارفكم وخارجها وسنواجهكم بكل السبل القانونية وسنعمل على رفع شكاوى بالجملة بحقكم أمام كافة المراجع المختصة حتى إحقاق الحق.